
أيام الحج كل يوم نادرة من نوادر الحجيج (2) قصة حج لامرأة من رهيد البردي
هذه قصة حقيقية لحاجَّة من دارفور، حدثت في عام 2000م حج سنة 1420هـ.
اسمها فاطمة عمر سيدة فقيرة من ريفي رهيد البردي في دارفور. كانت فاطمة ضمن مودعي قطار الحجاج المتجه نحو الخرطوم، ومنها بالبصات إلى بورتسودان ثم بالباخرة إلى أرض الحرمين. كان والي جنوب دارفور على رأس المودعين. اقتربت منه فاطمة وقالت له إن رسول الله صلى الله عليه وسلم في رؤية منامية أمرها ان تحج وتزوره، وهي ترغب في السفر، فرد الوالي إنه سيساعدها لتحج في العام القادم، فقالت الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل العام القادم، فأخبرها أنه يجب استخراج جواز سفر وتأشيرة سعودية وسودانية وموافقة حج وإجراءات والناس الآن مسافرة، فطلبها مستحيل تنفيذه.
المرأة تركت الوالي وركبت القطار وكل ما تملك لا يكفي أجرة القطار. ولم يكن معها زاد إلا إيمانها. وفي القطار وجدت مقعدًا خاليًا رغم انها حضرت متأخرة ولم يسألها أحد عن تذكرة، وأطعمها من كانوا بجوارها حتى وصلت إلى الخرطوم. وللتوجه نحو بورتسودان كانت الباصات كاملة العدد ركبت أول باص وجلست في أول مقعد خالٍ وتكرر الأمر، لم يسألها أحد عن تذكرة، وأكرمها من بجوارها حتى وصلت إلى بورت سودان.
في الميناء أخذ أمير الفوج الجوازات وأكمل اجراءات المغادرة لكل المجموعة وجاءت هي متوكلة على ربٍّ دعاها لتحج ووجدت النساء في ناحية فجلست معهم ولما تنادوا لصعود الباخرة سارت معهم ولم يسألها أحد. وتكرر الأمر مقعد خالٍ وطعام وحسن معاملة. وفي جدة تكرر الأمر مرت مع حجيج النساء ثم ركبت أول باص حتى أدت مناسك الحج كاملة ورجعت مع جمع من النساء إلى جدة للعودة إلى السودان.
يا حاجة أين جوازك؟ بادرها موظف الجوازات في ميناء جدة... قالت ما عندي. كيف دخلتِ إلى المملكة؟ أخبرتهم بالقصة أنها جاءت مع هذه المجموعة من النساء.
يحدثنا الدكتور شاع الدين العبيد الذين كان ممثلا لبعثة الإرشاد في الحج، وكان واحدًا من مستقبلي حجاج البحر. يقول: كنت أحد الشهود على هذه القصة، وقد اهتم أمير المنطقة الغربية بالمملكة العربية السعودية آنئذ الأمير ماجد بن عبد العزيز بأمر هذه السيدة بعد أن انتشر خبرها، وقد أهداها تكلفة حج في العامل القابل ومبلغا من المال.
رجعت المرأة إلى السودان بوثيقة سفر اضطرارية استخرجت من القنصلية السودانية في جدة. وكانت ما تزال بهيئتها ولباسها البسيط إذ كانت تلبس (سفنجة بلاستيكية) حملتها في يدها لما رأت الرخام في المطار. لم تكن تعرف القراءة ولا الكتابة، ولا تحسن التحدث باللغة العربية حتى أحضروا لها مترجمًا في مطار جدة.
أتمت حجها، ولم تصرف قرشًا واحدًا، بل عادت بهدية من أمير سعودي. امرأة لم يهتم بها أحد ولم يتعرف عليها أحد، وعرفها الله تعالى من فوق سبع سماوات، بصدق النية وحسن الطوية، فنالت ما أرادت بقدرة الله وكرمه.
*كتبها عثمان أبوزيد
#من_طرائف_الحجيج
مشاركة الخبر علي :