
بعثة الحج السودانية لعام 1446... شكر واجب وتحية حب واحترام وتقدير
ما كنت اريد الخوض في هذا الأمر اطلاقا لولا التحامل الكبير علي بعثة الحج من عشاق النقد والنقل والشير دون تبين ودون تروي ودون تثبت.
سامح الله كل من خاض في هذا الأمر ونسي قول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (6).
للاسف الشديد نحن اصبحنا شعب يعشق نقل الاخبار السالبة والكاذبة ونعشق النقد دون ادني مسؤولية وقبل ان نتاكد من اي حقيقة.
ساضطر لنقل الصورة الحقيقية من قلب الحدث كحاج اكرمه الله بالحج هذا العام وان كنت حريص على عدم ظهور ذلك حرصا لتطهير هذه الشعيرة من اي مظاهر قد تؤثر فيها واسال الله القبول. ولكني اجدا نفسي مضطرا للرد على من لم يوفق في عكس الصورة الحقيقية لهذه البعثة الاستثنائية الناجحة لهذا العام والتي لا اتوقع ان تتكرر في القريب وان كنت اتمني ان نحافظ على هذا المستوى ونحسنه في المستقبل.
لماذا لا اتوقع ان تتكرر؟
لان عدد الحجاج هذا العام قليل مقارنة بالاعوام الماضية ولان عدد الحجاج غير النظاميين الذين كانوا يفسدون كل الترتيبات الادارية والجهود المبذولة لراحة ورفارفاهية الحاج السوداني بغير قصد لم تكن موجودة هذا العام وقد صادف ذلك تنظيم رائع وحازم وصارم ومتقدم من قبل المملكة العربية السعودية لحج العام 1446. لذلك توفرت عوامل كثيرة ساعدت على نجاح الترتيب الاداري (الناجح والمتفوق) بكل معايير ومقاييس اداء البعثات لهذا العام.
رغم الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد من فقد في الموارد والكوادر وتقص في الترتيبات الكبيرة التي كانت تحدث في السنين الماضية
وقبل الخوض في الحقائق احب اذكركم انى لا تربطني اي علاقة بالوزارة ولا الهيئة ولا البعثة ولا اعرف فيهم اي فرد مسبقا ولكن فقط من باب الانصاف ورد الحقوق والشكر الواجب.
وسأتحدث عن بعثة ولاية الخرطوم على وجه التحديد لعدم معرفتى بتفاصيل ما يحدث في بعثات الولايات الاخرى.
والمختصر قبل التفصيل استطيع القول ان اي حاج هذا العام يعتبر محظوظ انه ربنا اكرمه انه يحج في بعثة استثنائية رشيقة وقليلة العدد في ظل ترتيبات ادارية تتفوق على الاعوام السابقة من جانب المملكة ومن جانب البعثة السودانية.
تعالوا للتفاصيل
ماهي معايير قياس نجاح او فشل بعثة الحج؟
المعيار الاول
والاهم هو ان يؤدي الحاج النسك الصحيحة بالطريقة الصحيحة في الزمن الصحيح وهذا ما نجحت فيه البعثة تماما في الارشاد والتوعية والتفويج والترتيب الاداري والدقيق رغم التحفظ علي التبكير والتسرع في بعض خطوات التفويج لبعض النسك والواجبات والتي تعتمد فيها البعثة على فتاوى علماء ثقات يرافقون البعثة ويتابعونها ويضعون في اعتبارهم ظروف كبار السن والنساء وتوجيهات الدولة ومخاطر الحرارة والظروف الصحية.
والنجاح في هذا المعيار الاول هو نجاح للبعثة وما ياتي يصب في خانة الرفاهية والخدمة المتفوقة وهذا امر يحتاج لمشاركة الجميع بمن فيهم الحاج نفسه والبعثة والسفارة واسر الحجاج وجماعة الفيسبوك سامحهم الله.
المعيار الثاني
والذي نجحت فيه البعثة لدرجة التفوق هو الارشاد والتوعية للحجاج لمعرفة اركان الحج الاربعة وواجباته السبعة والمحظورات والسنن فقد كانت دروس التوعية والارشاد بطرق متعددة وبالوسائل المتاحة وبالعدد الذي يكفي ويزيد ان يكون كل حاج على دراية تامة بمناسك الحج الصحيح. فحسب تقديري ممكن ادي البعثة 9 درجات من 10 في هذا المعيار مع التوصية بتطوير الدروس بالتقنيات المرئية التي تضع الحاج في الصورة مشبقا وهذا واجبنا في اسناد الجهات المسؤولة في ذلك.
المعيار الثالث
والذي تتفوق فيه البعثة دوما هو اختيار امراء الافواج من اصحاب الهمم العالبة في خدمة الحجيج والسهر على راحتهم والمرونة العالية في الاستجابة للمتطلبات والتعامل مع المتغيرات والصبر على النقد واللوم على الاشياء التي تتجاوز قدراتهم ومواردهم ونطاق تكليفهم. للامانة ما وجدت فوج متضجر من اميره. وما تعرفت عليهم من امراء افواج لا ادري كيف نجحت البعثة في اختيار هذه الثلة الطيبة منهم. واسال الله ان يسامحني في ظني السابق ان الاختيار يكون بالمجاملات والواسطات ولكن ما رأيته من مجهود وجهد وصبر وهمة في هؤلاء الامراء لا اظنه اختيار بالصدفة فنسال الله ان يجزي كل امير من امراء اقواج ولاية الخرطوم خير ما جزي امير حج عن فوجه. ولا ادي ماذا اقول لهم غير انكم اتعبتم من بعدكم يا هؤلاء.
المعيار الرابع
وهو خدمة كبار السن والتمميز الايجابي لذوي الاحتياجات والنساء في السكن والتفويج والاهتمام فهذا تنجح فيه البعثة دوما لدرجة التاثير السلبي علي الحجاج الشباب ويشعرهم بنقص النسك و(الكلفتة) عند من لا يعرف طبيعة وحوجة هذه الفئة منوالحجاج. وامر الاهتمام لهذه الفئات هي من سلوكنا السوداني والحمد لله (ما مشحودين عليه).
المعيار الخامس
والمتعلق بالوجبات والاطعمة والرعاية الصحية باختصار الصور التي تداولها الكثيرون من النشطاء وعشاق النقد عن طعام الحجاج غير صحيحة ومجافية للواقع وفيها اجحاف وظلم وتغبيش للحقائق ولا ادري ان كانت مقصودة لتشويه السمعة ام اجندة خفية يسعى ناشرها لتحقيقها ام هي من باب البحث عن نقائص. وفي كل الاحوال لا اجد اي عذر لمن روج لهذه الاكذوبة وذاد عليها دون ان يتبين او يستوثق وهذا من مضار وسائط التواصل الاجتماعي التي اصبحت وبالا علي مجتمعاتنا مع فرص التحسين في الشق الاعلامي للبعثة والذي اتمني ان يتم التركيز عليه في نقل الصورة الحقيقية.
عليه خلوني اقول ليكم بالدارجي ... الوجبات والطعام الذي وجدناه في بعثة هذا العام عند اهلنا ما بنلقاه (اي والله).
فالوجبات هذا العام في تقديري وصلت لحد الترف والبزخ والاسراف وشخصيا وجدت فيها اكثر مما كنت اتوقع فلا تخلو وجبة من فواكه وحلويات وطحنية ومربى وعصائر. ولم يطالب حاج بزيادة لم يجدها ولم يطلب حاج بتعديل لم يجد الاستجابة. وللعلم التالف من الاطعمة في البعثة السودانية يمكن ان يكفي بعثة كاملة بهذا العدد من بعثات حجاج شرق اسيا التي لا تهتم بالطعام والشراب وسفاسف الامور. فلا ادري لماذا تجاهل ناقل (صحن مخيمات منى) سامحه الله كل هذه وصور فقط هذا الجانب المظلم.
فللعلم الصورة المتداولة هي لوجبة الافطار في مخيم منى ومعها الكثير من الاضافات التي تم انقاصها عمدا.
وقبل هذا الافطار المتقوص عمدا هنالك شاى الصباح بالبسكويت ووجبة غدا ووجبة عشاء ( اربع وجبات في اليوم غابت عني او غبت عنها سنين طويلة لم اتناول هذه الاربع وجبات في ايام مستمرة كهذه) واظن ان الآلآف من الحجاج يشاركنوني هذا الامر. مع توفر الشاي والقهوة طوال اليوم.
وما ظهر من فديوهات احتجاج امر طبيعي يحدث في ارقي البعثات فنحن شعب مجبول على حب الاحتجاج ولا يعكس ذلك مئات بل الالف من الاحداث الايجابية التي تستحق النشر حتي لا يتصور ضعاف النفوس واصحاب القلوب المريضة ان هنالك تقصير متعمد في خدمة الحجاج.
نعم هنالك أخطاء في اختيار مكان المخيمات وضيقها ومنى معروفة بمساحاتها الضيقة وهي وادي يخيم فيه الحاج ويعتبر فيه علي سفر وجوانب اخري لا ندري اسبابها ومسوقاتها لكن لا نحسب انها بهذا القدر من الصورة السلبية المعكوسة التي تروج سلبا لبعثة لم تدخر جهدا لخدمة ضيوف الرحمن بالمتاح لها من امكانات وموارد في ظروف استثنائية.
الحج صبر ومشقة وتواضع وترفع با هؤلاء وليس سياحة في جذر المالديف.
اطالب مروجى الاشاعات والذي تطوعوا بنقل الجانب المظلم وجعلوا اجهزتهم وصفحاتهم وسائل لنقل الاشاعات بالاعتذر لمن قدموا انفسهم خداما لضيوف الرحمن. اعتذار من باب الخوف من الله ومن باب الانصاف وحتى لا تقعوا في من قالوا (كنا نخوض مع الخائضين).
فالشكر كل الشكر لكن من ساهم في بعثة هذا العام
والشكر لكل امراء الافواج فردا فردا (ما قصرتوا).
والشكر والتقدير لحكومة المملكة العربية السعودية التي قدمت نموذجا متقدما هذا العام يعكس النقلات التوعية المتسارعة والتي تتواكب مع عصر التغير التكنولوجي المتسارع وتزيد عليه بالافكار الابداعية واللمسات الابتكارية.
والشكر لله تعالى من قبل ومن بعد الذي يسر للحجيج السوداني حج هذا العام في هذه الظروف المعقدة بكل هذا اليسر.
شرف الدين حمد عقيد
حاج سودانى بسيط ... راضى تمام الرضا بما قدمته لي بعثي
مع مطالبتي بالتحسين والتطوير المستمر والذي نشارككم فيه المسؤولية.
مشاركة الخبر علي :