
السودان بين مطرقة الحرب وسندان الأمل: حين يكون الشعب هو القائد الأخير
✍️ بقلم : م. طارق الخير
بعناية الله وقدرته ورحمته
ووسط ركام المدن، بين أطلال الأسواق المحترقة، وبين قلوب الأمهات التي تعبت من الوداع وانيت الاباداء يستعد السوداني الي ان يحرر بقية المدن لينهض السودان مجدداً بكل قوة ... ليس كما أراد له أعداؤه بل كما شاء له أبناؤه الذين لم يعودوا ينتظرون المعجزة بل يصنعونها بدمهم وعزيمتهم و اصرارهم
لا للملشيات لا للتدخلات الاجنبية لا للتسويات السياسية لا للمحاصصات ....
والحرب التي خضها الشعب السوداني حرب ليست ككل الحروب لم تكن الحرب في السودان بين جيش ومليشيا فحسب بل كانت بين مشروع دولة ومشروع غابة بين دولة تحاول أن تستعيد نفسها وموقعها العالمي رغم هشاشة المواقف السياسية وبين مليشيات لا تؤمن إلا بلغة السلب والقتل والهيمنة القبلية.
ومع ذلك، فإن من تصدّى لهذا المشروع التخريبي الشعب اولا يدافع عن الجيش ويقوده بل كان الشعب السوداني في قلب المعركة قولا وفعلا -
رفض شعبي واسع لأي تسوية زائفة تُعيد الجنجويد بثوب مدني او من شايعهم - اعلام و مواقف خارجية واحتجاجات شعبية - واخري تايدية
و مقاومة شعبية ومشتركة تتشكل من رحم المعاناة من شباب المدن والأرياف الذين حملوا السلاح استنفارا دون مواهي و محاصصات سياسية
لا حباً في الحرب بل كرهاً في الظلم والقهر - ودفاعا عن اهلهم و الوطن والارض والعرض والمال .
إعلام مقاوم شعبية لم ترهبه الحملات التضليلية والفبركات الاعلامية بالعكس تماما بل زيف التضليل العلامي الواهن و كشف خيانات الأحزاب السياسية التي تحالفت مع الدم مقابل المناصب.
وقادت الجيش نحو عدم القبول بالتسويات او الخضوع للتهديدات حتى اعتلى صباحات النصر
ثم اتي النصر ل يبدأ من التحرير
تحررت أحياء واستُعيدت مدن وسُحقت أوهام المشروع العنصري الملشي الارهابي الاماراتي
لا بقرارات دولية، بل بسواعد شعبٍ جريحٍ، لكنه لم يفقد وعيه وتقدّمت الانتصارات الي الامام تجري نحو كىدفان ودارفور إلى حواضن التمرد نفسه .. حيث بات كل يوم يحمل خبراً عن تقدم جديد للمقاومة والمشاركة والجيش معا يزحف نحو عمق أراضي الجنجويد.
ومن الناحية السياسية
خبر عن تعيين كامل إدريس: لحظة تعين من قائد عام قوات الشعب المسلحه نعم كذلك
ثم كانت اللحظة الحرجة - بقيادة الجيش بقيادة رئيس مجلس السيادة البرهان بتوازى مع رائ الشعب بتعين حكومة حرب و درء باب الفتن الخارجية تم تعيين الدكتور كامل إدريس رئيساً للوزراء رجل القانون الدولي، والمثقف المعتق الذي يأتي من خارج دائرة الفساد الحزبي علي الاقل
و لكن المهمة ليست سهلة فالدولة تنزف والجيش مثقل والشعب مرهق لكنه واعٍ وصابر وينتظر و ينظر و يتأمل ماذا تصنع حكومة الامل ¡¡¡
فإن نجح كامل كان ذلك فتحاً جديداً لطريق الدولة المدنية العادلة اذا نقول مرة اخري ( فأن )
وإن فشلت فشل تعين قائد الجيش الاعلي في تعين من يدير البلد ثم ان فشل فليس كامل وحده من يسقط - بل تسقط معه رمزية التعين و المشروع الوطني الذي تقوده القيادة العسكرية برئاسة السيد البرهان - ( لان سعادته البرهان هو من عين كامل ادريس رئيس للوزراء المدني هذه نقطة مهمة )²
هنا.... لا مناص من طرح السؤال العميق....
هل سوف يتشكل الشعب إلى او بطريقة ماء لتصحيح المسار السياسي مرة اخري
بالطبع لن يتشكل للمواجه هذه المرة بل لتصحيح بوصلة من يقودون الدولة اداريا ويختار بنفسه الكفاءات اي يختار معاير الكفاء نفسها اولا ؟ (اي لتصحيح مسار التعين الاداري للدولة )
هل تصبح المقاومة الشعبية أداة رقابة مدنية تعيد تشكيل (القيادة مرة أخرى؟)
لا شك ان الشعب هو الضامن الان
ما يجري في السودان اليوم لا يُرى بوضوح في العواصم البعيدة ولا يُفهم داخل مكاتب السياسة الباردة لكن الحقيقة التي لا غبار عليها أن الشعب السوداني هو اللاعب الأذكى، والأكثر وعياً في هذه المعادلة، ولن تنهكته الحروب. هذا مؤكد
فإن كانت الدول تُبنى بالجيش والمؤسسات، فإن الوعي الشعبي هو الذي يقرر إن كانت هذه المؤسسات ستبقى على قيد الحياة، أم تتحول إلى هياكل فارغة. يحوم حولها التسويات والمحاصصات
واليوم، السودان على شفير التحوّل:
إما نحو دولة تنهض من رمادها بقيادة مدنية وطنية حقيقية.
أو نحو موجة تصحيح جديدة، قد تكون أكثر عمقاً من كل ما سبق ....
فالشعب السوداني، حين يقرر، لا يحتاج إلى سلاح ليحسم، بل إلى وعيٍ شعبيٍ يُعيد تعريف القيادة، لا أن يخضع لها ثم يقودها كما فعل في بادئ الامر
فهل هناك شخص يري ما اري ....
مشاركة الخبر علي :