
الهادي قرن يكتب ،، بين طموح الحجاج وظروف الحرب... السودان يراهن على جودة الخدمات في موسم الحج 1446هـ
بين طموح الحجاج وظروف الحرب... السودان يراهن على جودة الخدمات في موسم الحج 1446هـ
بورتسودان / الهادي قرن
في ظل تحديات الحرب القائمة، والظروف الاستثنائية التي تشهدها البلاد، يقف السودان أمام امتحان حقيقي في قدرته على توفير بيئة ملائمة لضيوف الرحمن خلال موسم الحج لعام 1446هـ. وبينما تتشابك الأزمات السياسية والإنسانية، تتصدر جهود الحكومة السودانية والمجلس الأعلى للحج والعمرة المشهد، في محاولة جادة لضمان أداء شعائر الحج والعمرة بسلاسة وجودة عالية، تعكس حرص الدولة على خدمة الحجاج رغم المعوقات.
خلال لقاء رسمي بمكتب رئيس الوزراء في مدينة بورتسودان، اجتمع الدكتور كامل إدريس، رئيس الوزراء السوداني، مع وفد المجلس الأعلى للحج والعمرة، مستعرضًا تقرير الأداء الخاص بالموسم الحالي، وموجهًا بجملة من التوصيات التي تهدف إلى رفع مستوى الخدمات، وإزالة العقبات التي تواجه الحجاج والمعتمرين. هذا اللقاء لم يكن عاديًا، بل جاء محملاً بالرسائل السياسية والخدمية، التي تؤكد تصميم الدولة على تجاوز العقبات، واحتضان شعائر الإسلام بما يليق بعظمة المناسبة.
تقييم شامل وتجديد في الرؤية
قدم الأمين العام للمجلس، السيد سامي الرشيد، تقريرًا تفصيليًا عن مراحل تنفيذ موسم الحج، بدءًا من التسجيل الإلكتروني للحجاج، مرورًا بترتيبات النقل والإسكان، وصولًا إلى خطط التفويج والتنسيق مع الجهات السعودية المعنية. وقد أشار الرشيد إلى أن عملية التنظيم واجهت تحديات كبيرة نتيجة الحرب الدائرة في السودان، الأمر الذي تطلب تفكيرًا خلاقًا وتعاونًا مكثفًا بين جميع الجهات ذات الصلة.
ومع ذلك، فإن ما لفت الانتباه في هذا اللقاء هو التفاعل الإيجابي من رئيس الوزراء، الذي استمع بعناية إلى المشكلات والمعوقات، وأبدى استعدادًا لحلها بصورة فورية، مؤكدًا أن راحة الحجاج تمثل أولوية قصوى للدولة.
توجيهات حاسمة وسط الأزمات
د. إدريس لم يكتف بالاستماع، بل أصدر توجيهات مباشرة بتسخير كل الموارد المتاحة، وتشكيل فرق عمل ميدانية لضمان تنفيذ البرامج بكفاءة وجودة، قائلاً: "رغم الحرب، يجب أن تكون خدمة الحجاج من أولوياتنا، وعلينا أن نثبت أن السودان قادر على التنظيم في أصعب الظروف."
وأشار إلى أهمية توظيف التكنولوجيا، وتطوير أنظمة المتابعة، وتعزيز الكوادر البشرية من خلال التدريب المتخصص، بما يضمن جاهزية كاملة قبل انطلاق الموسم. كما شدد على ضرورة التنسيق مع الجهات الأمنية لضمان سلامة الحجاج، والعمل على تسهيل إجراءات السفر والإقامة دون أي عراقيل بيروقراطية.
الرؤية العالمية للسودان في خدمة ضيوف الرحمن
هذا اللقاء يندرج ضمن رؤية جديدة تتبناها الحكومة السودانية، لجعل خدمات الحج والعمرة واجهة مشرفة تعكس روح الشعب السوداني، وقدرته على التنظيم والمبادرة، حتى في أصعب اللحظات. إنها رسالة مزدوجة، داخلية وخارجية، تقول إن السودان يملك الكفاءة والعزيمة في سبيل خدمة الإسلام والمسلمين.
وتعزز هذه الرؤية مكانة السودان بين الدول التي تتعامل بجدية ومسؤولية مع ملف الحج، مما يفتح الباب أمام تحسين العلاقات مع الدول الإسلامية، والاستفادة من التجربة لبناء نموذج خدمي يمكن تعميمه في مجالات أخرى.
تحديات حقيقية... لكنها ليست مستحيلة
رغم الجدية في الطرح، فإن الواقع لا يخلو من العقبات. فالوضع الأمني الهش، والنقص الحاد في الموارد المالية، والضغوط الإدارية، كلها عوامل تؤثر سلبًا على جودة الخدمات المقدمة. لكن ما يبعث على التفاؤل هو وجود إرادة سياسية واضحة، ومؤسسات قادرة على تنفيذ توجيهات القيادة، بما يحقق نقلة نوعية في القطاع.
وقد أشار الرشيد إلى أن المجلس الأعلى للحج والعمرة يعمل بتنسيق تام مع الجهات السعودية المختصة، لضمان أن لا يشعر الحجاج السودانيون بأي قصور في الخدمات، مشيدًا بالتعاون والتفهم الكبير من الجانب السعودي لهذا الوضع الاستثنائي.
نحو موسم حج يُكتب في التاريخ
في نهاية اللقاء، تم الاتفاق على إعداد خطة شاملة، تتضمن مراحل التقييم والتطوير، مع إطلاق حملات إعلامية توعوية للحجاج، وتوفير خدمات رقمية ذكية تسهل عليهم التواصل والاستفادة من الخدمات المقدمة.
وبين الطموح والتحدي، يبدو أن السودان يسير في اتجاه أن يجعل من موسم الحج للعام 1446هـ محطة فارقة، تُثبت أن العزيمة تتفوق على الظروف، وأن خدمة ضيوف الرحمن تمثل قيمة روحية ووطنية لا تتراجع أمام أي أزمة.
مشاركة الخبر علي :