
د.سعاد فقيري تكتب: رسالة حنين إلى سفير السودان بالقاهرة: هل نسيتم دروس عمر بن الخطاب في رعاية الرعية؟
أيها السفير الكريم :
بينما تعصف بالوطن عواصف الحرب وتشتت شمل أبنائه في كل اتجاه، نجد أنفسنا نتذكر سيرة الفاروق عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الذي كان يتفقد رعيته ليلاً ونهاراً، يبحث عن المحتاجين في زوايا المدينة، يحمل الدقيق على ظهره بنفسه لأسرة جائعة لا تعرف أنه أمير المؤمنين .
فهل يا ترى نستطيع اليوم أن نقارن بين هذا النموذج الرائع وبين واقع الجالية السودانية في القاهرة؟
تفقد الرعية:
درس من سيرة الفاروق:
لقد ضرب عمر بن الخطاب أروع الأمثلة في رعاية الرعية، فكان يقول: "لو أنّ بغلة عثرت في طريق العراق، لخشيت أن يسألني الله عنها يوم القيامة" .
وكان يخرج ليلاً يتفقد أحوال الناس، وإذا وجد أسرة تعاني من الجوع، كان يحمل الطعام بنفسه ويعد لهم الوجبة بيديه، حتى لقد كان الدخان يتخلل لحيته وهو ينفخ تحت القدر ليطبخ لهم الطعام .
أما اليوم، فإن الجالية السودانية في مصر تعاني من صعوبات جمة في إجراءات الإقامة، حيث يواجه العديد من السودانيين قرارات إبعاد وترحيل وايضا كونهم لاجئين مسجلين لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تعجز عن تلبية احتياجاتهم نسبة لكثرةاعدادهم.
بين وسط البلد والتجمع الخامس: أين رعاية السفارة؟
يتساءل أبناء الجالية السودانية: كيف يمكن لسفارتهم أن تبتعد عنهم إلى منطقة نائية مثل التجمع الخامس، تاركة إياهم يواجهون مصيرهم في وسط البلد حيث تتركز احتياجاتهم اليومية؟ .
إن انتقال السفارة إلى هذه المنطقة البعيدة يجعل الوصول إليها صعباً خاصة لأولئك الذين يعانون من ضيق ذات اليد، والذين فروا من جحيم الحرب في السودان بحثاً عن الأمان .
لقد كان عمر بن الخطاب يخشى أن ينام وهو يعلم أن هناك مواطناً جائعاً في أمته، فكيف بنا اليوم ونحن نرى أبناءنا في الجامعات المصرية يعانون من ظروف قاسية، كما عبر أحد المعلقين: "الحقوا أولادنا المستجدين بالجامعات المصرية والله انهم في ظروف لا يعلم بها الا الله ولا طاقة لهم بالمبالغ المفروضة عليهم فالحرب انهكتهم وأولياء الأمور في كربة لا يعلم بها الا الله" .
نداء إلى ضمير السفير
أيها السفير الكريم، إننا نعلم أنكم تواجهون تحديات جمة، ولكننا نتذكر قول عمر: "إنّي والله لأكون كالسراج، يحرق نفسه ويضيء للناس" . إن الجالية السودانية في مصر تتطلع إليكم كمنارة أمل، تبحث عن يد تمتد إليها في محنتها.
لقد عبر أحد أبناء الجالية عن هذا الشعور بقوله: "أصبحت مرارة الغربة جزءًا من ذكريات الشعب السوداني الصامد، مما يشكل تحديًا كبيرًا لإثبات المواطنة الحقيقية في الخارج" .
إنهم لا يطلبون المعجزة، ولكنهم يطمحون إلى:
1. تسهيل إجراءات الإقامة التي أصبحت عبئاً ثقيلاً على كاهلهم وبخاصة من لهم أكثر من ثلاثة أطفال ومافوق ذلك.
2. الوجود القريب منهم حيث تتركز احتياجاتهم اليومية، وليس في مناطق نائية يصعب الوصول إليها
3. التنسيق مع السلطات المصرية للعودة الطوعية للسودانيين الراغبين ومعالجة مشكلة المسجلين كلاجئين .
4. حل مشكلة التأخير في استخراج الجوازات وتصديق الإقامات وتصديق مزاولة المهنة لطلاب الكليات الطبية بالجامعات المصرية ولهم أربعة سنوات من الانتظار.
5. تقديم الدعم القانوني والمعنوي لأبناء الجالية الذين يواجهون صعوبات في مصر
ختاماً:
دعوة إلى العمل
لقد علمنا عمر بن الخطاب أن المسؤولية أمانة، وأن الراعي مسؤول عن رعيته. فهل نستطيع اليوم أن نطالب سفارتنا بأن تكون على قدر هذه المسؤولية؟ هل نستطيع أن نطالبها بأن تنزل إلى الميدان، تبحث عن أبناء جاليتها في أماكن تواجدهم، تسمع شكواهم، وتعمل على حل مشاكلهم، كما كان يفعل الفاروق؟
إن الجالية السودانية في مصر، والتي فرّ الكثير منها من ويلات الحرب، تستحق من سفارتها أن تكون سنداً لها، لا أن تزيد من عزلتها بالابتعاد عنها في مناطق نائية. فلنتذكر دائماً أن "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ" كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشاركة الخبر علي :