
*طريق الحقيقة* الهادي قرن يكتب: *من بصمة إلى بصيرة سامي الرشيد ورحلة التحوّل في الرعاية الاجتماعية والحج والعمرة بإقليم النيل الأزرق*
في قلب السودان، حيث تتقاطع التحديات الإنسانية مع الطموحات الإدارية، تبرز قصة رجل أثار الجدل وترك أثراً لا يُنسى. إنه سامي الرشيد أحمد، الذي انتقل من قيادة وزارة الرعاية الاجتماعية بإقليم النيل الأزرق إلى رئاسة المجلس الأعلى للحج والعمرة، واضعاً بصمته في ملفين من أكثر الملفات حساسية وتعقيداً في البلاد.
من الرعاية الاجتماعية إلى الحج والعمرة
عُرف سامي الرشيد في بداياته كمدير عام لوزارة الرعاية الاجتماعية بإقليم النيل الأزرق، حيث أحدث نقلة نوعية في الأداء المؤسسي، بحسب تصريحات الفريق أحمد العمدة بادي، حاكم الإقليم. ورغم الجدل الذي صاحب تعيينه، والذي وصل إلى حد وصفه بـ"كوز"، رد الحاكم قائلاً: "إن شاء الله يبقى برميل"، في إشارة إلى تجاوز التصنيفات السياسية والتركيز على الكفاءة والنتائج.
خلال فترة وجيزة، استطاع سامي أن يعيد هيكلة الوزارة، ويطلق مبادرات مجتمعية، ويؤسس لشراكات مع منظمات دولية ومحلية، مما جعل أثره مستداماً حتى بعد إعفائه من المنصب في أبريل 2024.
بصمة في موسم الحج 1446 هـ
بعد انتقاله إلى رئاسة المجلس الأعلى للحج والعمرة، واجه سامي تحديات جسيمة، أبرزها الوضع المالي والإداري المختل الذي ورثه من الإدارة السابقة. ومع ذلك، تمكن من تحقيق إنجازات ملموسة، منها:
- إعادة تأهيل مقر الملحقية بجدة ونقل إدارتها لتكون أقرب إلى القنصلية السودانية.
- استرداد مبلغ الضمان المالي لحج العام السابق، وسداد متأخرات رواتب العاملين بالملحقية.
- تنظيم أول دورة تدريبية لأمناء الحج والعمرة بالولايات، بالتعاون مع وزارة الحج السعودية، مما نال إشادة رسمية من السلطات السعودية.
- تحقيق فائض مالي عبر بيع أصول متهالكة، واستخدام العائد في شراء سيارات جديدة لدعم أسطول الملحقية.
- تنفيذ عطاءات خدمات الحجاج قبل الموعد المعتاد، بشفافية ونزاهة، وبحضور مقدمي الخدمات واللجنة الفنية.
- إطلاق قطاع المهجر لخدمة المقيمين بالخارج، وإنشاء مؤتمر "تعظيم شعيرة الحج" بمشاركة علماء وخبراء.
إشادة رسمية وأداء ميداني
في موسم حج 1446 هـ، أشرف سامي على تصعيد أكثر من 11,500 حاج سوداني إلى منى وعرفات، وسط إشادة من مجلس السيادة السوداني بأداء البعثة. وأكد أن جميع الحجاج يتمتعون بصحة جيدة، ويؤدون مناسكهم في أجواء روحانية مفعمة بالإيمان،
كما شدد على أهمية الالتزام بتوجيهات السلطات السعودية لضمان سلامة الحجاج، وأعرب عن شكره لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان على جهودهم الجبارة.
بين الماضي والحاضر.. إرث إداري متجدد
قصة سامي الرشيد ليست مجرد انتقال وظيفي، بل هي رحلة إدارية متكاملة، بدأت من إصلاح منظومة الرعاية الاجتماعية في النيل الأزرق، وانتهت بإعادة هيكلة واحدة من أكثر المؤسسات حساسية في السودان. وبين الجدل السياسي والإشادة الفنية، يظل سامي نموذجاً لمسؤول يسعى لترك أثر لا يُمحى، مهما كانت الظروف.
في بلد تتشابك فيه السياسة مع الإدارة، وتُختبر فيه الكفاءات تحت ضغط الأزمات، تظل تجربة سامي الرشيد دعوة للتأمل: هل يمكن للمسؤول أن يصنع الفرق رغم كل الضجيج؟ يبدو أن الإجابة، في حالته، هي نعم.
مشاركة الخبر علي :