د.سعاد فقيري تكتب: جامعة المشرق تفتح فرعين بالخارج رغم قرار المنع.. فهل نحن أمام استثناء أم نفوذ؟
خطوة أثارت اهتمام الأوساط الأكاديمية والسياسية، أعلنت جامعة المشرق عن حصولها على موافقة رسمية من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي السودانية لفتح فرعين جديدين خارج البلاد، أحدهما في جمهورية مصر العربية والآخر في المملكة العربية السعودية.
الجامعة نشرت عبر منصاتها الرسمية خطاب موافقة ممهورًا بتوقيع الوزير نفسه، مؤكدة أن التصديق جاء استجابةً لتوسّعها الأكاديمي وحرصها على خدمة الطلاب السودانيين بالخارج.
قرار يتناقض مع سياسات الوزارة الأخيرة.
اللافت أن هذا الإعلان جاء بعد أسابيع فقط من صدور قرار رسمي من وزارة التعليم العالي يمنع الجامعات السودانية من فتح فروع خارج السودان، ويحذر من عدم اعتماد أي مؤسسة تخالف القرار.
كما دعت الوزارة في حينها جميع الجامعات السودانية إلى العودة للداخل والمساهمة في إعادة بناء منظومة التعليم بعد الدمار الذي خلّفته الحرب.
هذا التناقض بين المنع العام والموافقة الخاصة وضع الوزارة في موضع تساؤل وانتقاد، وفتح باب الجدل حول مدى اتساق القرارات وشفافيتها.
تخبط أم خيارات نوعية؟
يرى بعض المراقبين أن ما حدث يعكس تخبطًا إداريًا واضحًا داخل الوزارة، ناجمًا عن غياب التنسيق بين الإدارات أو تضارب الصلاحيات.
بينما يذهب آخرون إلى أن القرار ربما يندرج ضمن ما تسميه الوزارة بـ “الخيارات النوعية”، وهي استثناءات تمنح لجامعات معينة بناءً على معايير خاصة أو اعتبارات تتعلق بالمصلحة الوطنية أو العلاقات الخارجية.
لكن هذا الطرح لا يخلو من الجدل، إذ يطرح تساؤلات حول المعايير التي تُمنح بها الاستثناءات، ولماذا تُحرم منها مؤسسات أخرى ذات وزن أكاديمي مماثل أو حتى أكبر.
رؤية متضاربة وغياب للشفافية
يؤكد عدد من الخبراء أن أزمة التعليم العالي في السودان بعد الحرب لم تعد أزمة تمويل أو بنية تحتية فحسب، بل أصبحت أزمة رؤية وتخطيط واستقلالية قرار.
فالقرارات المتناقضة والمتسارعة تكشف عن ضبابية في بوصلة الوزارة، ما يهدد بفقدان الثقة في سياساتها على المدى الطويل.
وبين من يرى في خطوة جامعة المشرق محاولة لتدويل التعليم السوداني وإبقاء حضوره الإقليمي، ومن يعتبرها دليلاً على نفوذٍ يتجاوز اللوائح والتعليمات، يبقى الموقف الرسمي بحاجة لتوضيح صريح من الوزارة نفسها.
خاتمة:
استثناء أم نفوذ؟
في نهاية المطاف، تبقى الحقيقة ضبابية، والسؤال مطروحًا بإلحاح:
هل نحن أمام استثناء أكاديمي مشروع يهدف إلى خدمة الطلاب السودانيين في الخارج؟
أم أن ما يجري يعكس نفوذًا خاصًا يتجاوز القوانين والقرارات الوزارية؟
مهما كانت الإجابة، فإن الشفافية والمساءلة باتتا ضرورة لا غنى عنها إن أرادت وزارة التعليم العالي أن تستعيد ثقة الجامعات والمجتمع، وتعيد رسم سياسة تعليمية واضحة تقود السودان نحو مرحلة بناء جديدة.
مشاركة الخبر علي :
