محمد التجاني عمر قش يكتب: رحل شيخنا البعدل المايلة!
رحل ناظر النظار المسمي مركز الضيفان
رحل شيخنا اللزوم الراكز لا أنكسر لا خان
رحل صاحب الفهم والرأي من خيرة العربان
عزايتو تبكي حزينة في النهود وكافة السودان
" محمد قش"
رزئت كردفان خلال الأيام القليلة الماضية بمصابين أدميا كباد الخلق، فقد رحل عنا مغدورا الناظر سليمان جابر جمعة سهل في المزروب، وتوالت علينا الأحزان بوفاة الأمير عبد القادر منعم منصور أمير عموم نظارة دار حمر، وعميد أمراء الإدارة الأهلية في كل السودان، فقد فارق الفانية نتيجة ما تعرض له من قهر على أيدي الجنجويد المناكيد بعدما ألزموه الإقامة الجبرية في منزله بالنهود! ومثل هذا الفقد يحدث ثلمة في المجتمع ويفتق جرحا غائرا يصعب علاجه؛ ذلك لأن الراحل الشيخ عبد القادر منعم منصور كان زعيما وحكيما لا تشكل عليه القضايا مهما تعقدت، فهو يتصرف وفق حصيلة من الخبرة امتدت لسنين عددا، علاوة على فطنة ودراية ورثها من أسلافه تعضدها معرفته بأساليب الإدارة الأهلية ومنعرجاتها التي لا يعرفها إلا أمثاله من زعماء القبائل ذوي الخبرة والحنكة والمعرفة بشؤون رعاياهم.
دار كردفان الليلة تبكيك صغار وكبار
يا زينة المجالس ساعة الحوبة ما فشار
قضاي غروض القاصدو وللعيوب ستار
عالي مقام ظاهر ضوء قبيلة وسليل أخيار
تعرفت على الناظر عبد القادر منعم منصور وأنا يومها طالب في مدرسة خور طقت الثانوية فقد التقيته لأول مرة في دكان المرحوم بابكر محمد عثمان بالأبيض ولفت نظري ذلك السمت الوقور والهيبة التي تعلو محياه فسألت عنه وقيل لي هو ناظر عموم دار حمر فأكبرت فيه التواضع الجم وحسن الحديث وأناقة الهندام. وظللت على تواصل معه منذ ذلك الحين حتى قابلته آخر مرة في الرياض بالسعودية عندما جاءها مستشفيا ببعض ما ألم به من أوصاب، رحمه الله رحمة واسعة، واستمتعت حينها بالجلوس معه فترة طويلة نهلت خلالها من خبرته بقضايا كردفان ومعرفته برجالها العظماء.
عبد القادر جبل حيدوب ما بتهزو رياح
رحل يا حليلو الفارس تركة الصلاح
قلوبنا عليهو تنزف ليلنا كله للبياح
يا ربي يدخل جنانك عالية ويكون مرتاح
ذات مرة حدثت مشكلة بين الرزيقات وأهلنا المعالية في منطقة أم ديبونة الواقعة غرب دار حمر وطلب مني بعض الأخوة الأفاضل الاتصال به لتدارك الموقف فما كان منه إلا أن قال بالحرف الواحد: "والله لن أكلف بها غيري" وقام بما هو مطلوب وقبل أن تغرب شمس ذلك اليوم توصل إلى حل حاسم بين الطرفين وعادت المياه إلى مجاريها وسكنت النفوس وما زال الأهل هناك في تعايش سلمي!
حليلو ما ظنيت الزمن بمثلو تاني يجود
رزانة وسمتة وكرمن لا عبر لا حدود
سجل أسمه في التأريخ عارف العمر معدود
رحل مقنع السمحة أم رشيم ونايرة خدود
ألا رحم الله الناظر عبد القادر منعم منصور وأسكنه فسيح جناته، فقد كان زعيما وعلما على رأسه نار.
مشاركة الخبر علي :
