حديث الساعة إلهام سالم منصور تكتب: غياب صوت السودان في ندوة القاهرة... وتصاعد العداء للإسلاميين ,
في ظل الأزمة الإنسانية والسياسية العميقة التي يعيشها السودان، كان من المتوقع أن تتحول الندوات والمنابر الفكرية إلى منصة تعكس صوت العقل الوطني والضمير العربي تجاه ما يحدث. لكن ما شهدناه في إحدى الندوات الأخيرة كان للأسف غارقًا في التكرار، حيث استمر الحديث في الماضي وتجاهل آلام الحاضر.
ندوة حزبية في أجواء مشحونة
في قاعة الحزب الاشتراكي المصري، عقدت ندوة بعنوان "تطورات الوضع الراهن في السودان وانعكاسه على الأمن القومي المصري"، بحضور شخصيات سياسية وإعلامية بارزة مثل الأستاذ عثمان ميرغني، مبارك الفاضل، نبيل نجم الدين، علي سعيد شعبان عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوداني، والإعلامية أسماء الحسين، مدير تحرير جريدة الأهرام المصرية.
هيمنة العداء للإسلاميين
رغم أهمية موضوع الندوة، بدا واضحًا منذ البداية أن المناقشات اتسمت بطابع عدائي تجاه التيار الإسلامي في السودان، حيث تم تحميلهم المسؤولية الكاملة عن الأزمة الراهنة. ولم تُفتتح الندوة حتى بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ما أثار استغراب الحضور.
محاكمة سياسية وتجاهل الأسباب الحقيقية
انحرفت أغلب المداخلات إلى محاكمات سياسية لحكم الإسلاميين، مع تجاهل شبه كامل للأسباب الحقيقية للصراع الحالي. بل وصل الأمر ببعض المتحدثين إلى تبرئة مليشيا الدعم السريع من الجرائم، مبررين ذلك بأن نظام الإنقاذ هو من أقر بشرعيتها ومنح قائدها رتبة فريق، كأن ذلك يعفيها من فظائع دارفور والفاشر وغيرها.
غياب جوهر الندوة
على الرغم من أن عنوان الندوة يتعلق بتأثير الأزمة على الأمن القومي المصري، غاب هذا المحور تمامًا، ليحل محله مهاجمة الإسلاميين واسترجاع ذكريات قديمة، دون تقديم رؤية أو دعم ملموس لما يحدث في السودان اليوم.
مداخلات معتدلة وصوت مختلف
برزت مداخلة معتدلة للأستاذ ساطع محمد الحاج من الحزب الناصري، الذي تناول الأزمة بعمق وأشاد بدور مصر الداعم للسودان، مؤكداً على متانة العلاقات بين الشعبين.
كما تحدث الفريق إبراهيم الماظ، مستشار حركة العدل والمساواة، عن الصمت العالمي تجاه مأساة دارفور، مطالبًا المجتمع الدولي بتحرك عاجل لوقف الانتهاكات.
وقدمت الإعلامية أسماء الحسين وجهة نظر موضوعية حول الوضع الإنساني في دارفور والفاشر، داعية للتدخل العاجل لإنقاذ المدنيين. وفي مشهد مؤثر، عبر أحد الحضور المصريين عن حزنه الشديد قائلاً إن فظائع السودان لم تشهد مثلها حتى غزة، في إشارة إلى حجم الكارثة.
غياب صوت السودان وتفاقم الأزمة
كان من الأجدى استخدام هذه المنصة لإيصال صوت السودان، وطرح حلول واقعية لإنقاذ المتضررين، بدلاً من الانغماس في سجالات سياسية قديمة لا تخدم المواطن ولا تسهم في استقرار الوطن.
نداء للحل والعدالة في دارفور
في ظل ما يعانيه أهل دارفور من مأساة مستمرة، لا بد من العمل الجاد والعاجل لإيجاد حلول حقيقية تنهي الأزمة. يجب أن تتوج هذه الجهود بتجريم مليشيات "الدقلو" وكل من ارتكب جرائم وانتهاكات، وتقديمهم للعدالة بغض النظر عن أي حسابات سياسية أو مصالح ضيقة. التخلي عن الأحقاد القديمة والانشغال بالصراعات الفرعية لن يثمر إلا المزيد من الألم والانقسام، بينما السودان بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى التقدم نحو وطن معافى، يسع الجميع تحت ظله.
وإذا كان هذا هو رأي بعض أبناء السودان أنفسهم، الذين عبروا عن مواقف مشابهة لما دار في هذه الندوة، فماذا يمكن أن نتوقع من أعداء السودان الذين لا يتوقفون عن استغلال أي انقسام داخلي لتفتيت الوطن وزرع الفتن؟
إن الطريق إلى مستقبل أفضل يمر حتماً عبر الوحدة، العدالة، وتوحيد الجهود لإنقاذ السودان وشعبه من المحنة التي يعانونها.
تقييم الندوة: تكرار دون جديد
في النهاية، كانت الندوة مجرد إعادة لأحاديث مكررة، زادت من الانقسامات وابتعدت عن جوهر الأزمة الإنسانية التي تحتاج إلى تضافر جهود الجميع.
نداء للوحدة الإعلامية والوطنية
تتطلب المرحلة الراهنة من النخب السودانية والإعلام الوطني توحيد الخطاب والعمل بروح وطنية دفاعًا عن قضية السودان في كل المحافل، ورفع صوت الضحايا والنازحين، حتى يستعيد الوطن أمنه وسلامه ومكانته بين الأمم.
الاحد 9,,نوفمبر 2025
مشاركة الخبر علي :
