*محجوب أبوالقاسم* *يكتب*: *رأفة القائد وقسوة المليشيا*

تختصر صورة واحدة أحيانا الاف الكلمات وتفضح كذب ودعايات كثيرة.
فالصورة التي انتشرت امس للرئيس البرهان وهو يحتضن امرأة نازحة من الفاشر لم تكن مشهدا عابرا أو لقطة بروتوكولية بل كانت رسالة عميقة المعنى تختصر جوهر العلاقة بين الجيش وشعبه وتجسد الفرق الشاسع بين رأفة القائد وقسوة المليشيا.
في ملامح تلك المرأة التي أنهكها الخوف والترحال ودموعها التي اختلطت بعبرات الفقد وفي حنان القائد وهو يطبطب على كتفها مواسيا ، تلخيص مؤلم لما جرى في الفاشر من فظائع ارتكبتها المليشيات بحق المدنيين العزل.
كانت الصورة أصدق من كل بيانات الإدانة وأبلغ من كل الخطابات السياسية لأنها خرجت من الميدان من رحم المعاناة نفسها.
إن ما فعله البرهان لم يكن مجرد زيارة تفقدية بل خطوة إنسانية ذات دلالات عميقة تؤكد أن الدولة وجيشها لا ينظران إلى الحرب من زاويتها العسكرية فقط بل من بعدها الإنساني والاجتماعي أيضا.
لقد جاءت زيارة الرئيس البرهان للنازحين في الولاية الشمالية من الفاشر لتقول بوضوح إن الوطن لا ينسى أبناءه وإن الجيش لا يقاتل من أجل السلطة بل من أجل هؤلاء الضعفاء الذين فروا من بطش المليشيا، بحثا عن مأوى يحميهم وكرامة تصان.
البرهان في تلك اللحظة لم يكن القائد العام فحسب بل كان أبا ومواطنا يشعر بوجع أهله ويقتسم معهم قسوة النزوح وألم الفقد.
أما المليشيات التي طردت المواطنين من ديارهم وأحرقت منازلهم وانتهكت أعراضهم فقد كشفت للعالم وجهها الحقيقي وجه القسوة والدمار وانعدام الإنسانية.
ما بين احتضان القائد للنازحة وبين رصاص المليشيا الذي لاحقها من بيتها حتى مخيمها تتجلى الحقيقة الساطعة أن المواطن مهما اختلفت انتماءاته يلوذ بجيشه حين تضيق به الأرض ويجد في ظله الأمان المفقود.
لقد أثبتت الأحداث أن كل منطقة تطأها أقدام المليشيا يفر منها الناس باتجاه مواقع الجيش حيث الأمان والانضباط والرحمة.
وهذا وحده كفيل بأن يدحض كل الأكاذيب التي تبثها الغرف الإعلامية للمتمردين وأعوانهم الذين يحاولون تشويه صورة الجيش والتشكيك في نواياه بينما الواقع الماثل أمام الجميع يقول عكس ذلك تماما.
إن اهتمام الدولة بالنازحين والمشردين ظلما ليس شعارا سياسيا بل ممارسة ميدانية نراها في المبادرات الإنسانية وفي جهود الإيواء والإغاثة وفي االمتابعة المباشرة من القيادة العليا.
وتلك الصورة الأخيرة لم تكن سوى ترجمة عملية لنهج راسخ يقوم على جبر الضرر والوقوف إلى جانب المواطن في أحلك الظروف.
إنها رأفة القائد وقسوة المليشيا رأفة تعيد للإنسان كرامته وقسوة سلبته مأواه وأمنه.
وبين هاتين الصورتين يكتب تاريخ جديد يفرز الصفوف بوضوح جيش يحمي ومليشيا تدمر.
ولنا عودة.
9نوفمبر2025م
مشاركة الخبر علي :
