دموع البرهان ... ومضة أمل! بقلم/ محمد التجاني عمر قش

دموعك يا قايدنا العظيم بلسم تداوي جروح
أياك فارس الحوبة سبلت العمير والروح
فعالك تشرح صدر الدعجة العطرها يفوح
أكرب زندك طارد الجنجا وين ما تروح
"محمد قش"
الدموع مثل كثير من الأشياء تنقسم لعدة أنواع ومنها الدموع العاطفية التي تنتج عن مشاعر قوية مثل الفرح والحزن، وهذا نوع صادق جدا من الدموع لأنها تعكس موقفا واقعيا، بيد أن دموع الرجال غالية؛ خاصة إذا سالت من رجل بقامة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة السودانية الباسلة، فقد شاهد العالم كيف نزلت دموع حرى من عيون هذا الفارس المغوار، بينما كان يبدو على وجهه قدر من الحزن الدفين وهو يعانق إحدى النازحات الكريمات عند زيارته لنازحي الفاشر في مدينة الدبة، وهي دموع تحمل في طياتها أساً كبيرا لما حل بفاشر السلطان من دمار وقتل وتهجير بعد صبر وصمود ومعاناة امتدت لشهور عدداً. وهذا المشهد في واقع الأمر يشي بأن ثمة خطوات حاسمة قد يتخذها الجيش في مقبل الأيام للقضاء على المليشيا وأعوانها من المرتزقة والخونة حتى لا يضطر القائد لزيارة النازحين في مواقع أخرى إذا انتشرت المليشيا في مساحة أكبر مما عليه الحال الآن! وباختصار فإن الزيارة تشي بتجسيد مسؤولية الدولة ورعايتها لمواطنيها في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها بلادنا الحبيبة.
ونحن إذ نقدر للسيد القائد تلك الدموع الصادقة، نود أن نضع بين يدي القارئ الكريم بعض الحقائق عن الحاصل في غرب البلاد، خاصة شمال كردفان التي باتت تعاني من ويلات الحرب وتعديات المليشيا على الأرواح والأموال والأعراض مثلما حدث في مدينة بارا التي لا تزال جثث قتلاها مكدسة في البيوت لم توارى الثرى بسبب تعنت المليشيا وخلو المدينة من أهلها قسراً.
المليشيا الآن تسيطر على مساحة واسعة في شمال كردفان تمتد من جبرة الشيخ الواقعة على طريق الصادر حتى الحدود الليبية مما يتيح لها الحصول على الإمدادات بالبر والجو، لولا تعامل النسور السيادية مع المرتزقة القادمين من معسكرات حفتر في شرق الجماهيرية! وهذا الانتشار يقابله وجود معتبر لقوات الجيش السوداني في أكثر من موقع مثل رهيد النوبة وشرق أم سيالا فضلا عن وجود أعداد مقدرة من الضباط والجنود في حامية الأبيض وقد توفر لهم كامل العتاد والتشوين ولكنهم للأسف الشديد أكتفوا بالتمترس داخل المدينة ما عدا طلعات محدودة تجاه الغرب والجنوب، مع استمرار هجمات مسيرات العدو على الأبيض، وهذا وضع يهدد سلامة هذه المدينة المهمة فهلا تقدمت جيوشنا نحو مواقع العدو وهي قادرة على ذلك؟
لقد اصبح إنسان هذه الولاية يخشى على نفسه وعرضه وماله من المليشيا وأعوانها بعد أن خسر الناس موسم الخريف وأطل عليهم الشتاء وسواقي بارا قد نهبت كل مكونات الطاقة الشمسية فيها وأصبحت عبارة عن أطلال يسكنها البوم والوطواط، ونزح الناس أو هجروا إلى أماكن يعتبرونها آمنة وهي ليست كذلك، ويكفي دليلا ما جرى لأهلنا في قرية اللحيمرات فهم الآن يفترشون الأرض ويلتحفون السماء وسط القيزان، والقتل صار ممارسة يومية من قبل الجنجويد ضد كل من يحاول الوصول إلى الأبيض من دار الريح.
مشاركة الخبر علي :
