حصة السودان بين التلاعب والضياع بقلم: البجاوي
في مثل هذا التوقيت من العام الماضي، وبعد زيارة وزير الشؤون الدينية والأوقاف الدكتور عمر بخيت محمد آدم، خرج علينا مجاهد بشرى بمقالٍ حمل فيه الوزير ما ليس له، فند أرقامًا ومبالغًا بهتانًا حتى اضطرّت الجهات الرسمية لتشكيل مجلس تحقيق. يومها بدا المشهد وكأننا أمام حملة منظمة لتشويه الحقائق، أكثر من كونه نقدًا موضوعيًا لمجريات مؤتمر الحج.
اليوم، وبعد أن انقضت دورة جديدة من مؤتمر الحج، يظل السؤال قائمًا: هل يستطيع مجاهد أو غيره أن يروي لنا بصدق ما جرى في كواليس المؤتمر؟ أم أن القصة ستظل حبيسة "الأفندية وجيشهم"، حيث تُدار الملفات الحساسة بعيدًا عن أعين الرأي العام، وكأنها ملكية خاصة وليست شأنًا عامًا؟
جهود الأمين العام مقابل إقصاء الوزير
الأمين العام للمجلس الأعلى للحج والعمرة، الأستاذ سامي الرشيد أحمد، بذل جهدًا صادقًا ومضاعفًا حين نجح في رفع حصة السودان من 11,500 حاج لتصبح 23,000 حاج، وهو إنجاز كان من شأنه أن يفتح الباب أمام آلاف الأسر السودانية لتحقيق حلم العمر.
لكن المفارقة المؤلمة أن الوزير نفسه سعى لإفشال هذه الجهود عبر سياسة الإقصاء، ليقوم بخفض الحصة إلى 15,000 حاج فقط، وهو ما يعني عمليًا إقصاء 8,000 حاج مقزومة من نصيب السودان، وضياع فرصة العمر لهم.
أزمة الحصة: من 32 ألف إلى 15 ألف حاج
السودان كان يتمتع بحصة تقارب 32 ألف حاج، لكننا اليوم أمام واقعٍ مرير: تقليص متتابع وصل بنا إلى 15 ألف فقط. هذا يعني ضياع أكثر من نصف الفرص، وحرمان آلاف المواطنين من أداء الركن الخامس من الإسلام.
موقف لا لبس فيه
يعلم الله أنني هددت ولا أنكر، ولكن لا أخشى في الحق لومة لائم. فالقضية ليست شخصية، بل هي قضية وطنية ودينية، تتعلق بحق السودانيين في أداء فريضة الحج دون أن تُختزل حقوقهم في صفقات أو مصالح ضيقة.
من المسؤول؟
- هل هو الوزير الذي لم ينجح في الدفاع عن حق السودان بل ساهم في تقليصه؟
- أم مجلس السيادة الذي لم يتدخل لحماية مكتسبات الأمين العام؟
- أم هي شبكة المصالح التي تتعامل مع الحج كغنيمة سياسية واقتصادية، لا كفريضة دينية؟
كلمة أخيرة
حصة السودان ليست مجرد رقم في دفتر سعودي، بل هي حقٌ ديني واجتماعي وسياسي. ضياع 8000 حاج مقزومة يعني ضياع 8000 قصة، وحرمان آلاف الأسر من فرحة العمر. المسؤولية هنا جماعية، تبدأ من الوزارة ولا تنتهي عند مجلس السيادة.
إن لم نواجه الحقيقة بشجاعة، ونطالب بالشفافية والمحاسبة، فإن حصة السودان ستظل في مهب الريح، وسيظل المواطن البسيط هو الخاسر الأكبر.
مشاركة الخبر علي :
